Takhmis ala qadri ahli l-azmi by Tamim al-Barghouti Lyrics
أقول لدارٍ دهرها لا يسالمُ
وموتٍ بأسواق النفوس يساومُ
وأوجه قتلى زينتها المباسمُ
على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
أتتنا ليالٍ ليس يُحْفَظُ جارُها
ونارُ أسىً نارُ الجحيمِ شَرَارُها
يُفَرِّقُ ما بينَ الرجالِ اختبارُها
فَتَعْظُمُ في عين الصغير صغارُها
وتصغر في عين العظيم العظائمُ
وطاف أبونا الخضرُ ينذر قومَهُ
فما كان أقسى قلبَهم وأصمَّهُ
وقالوا له هُزءاً يريدون ذمَّهُ
يُكَلِّفُ سيفُ الدولة الجيشَ همَّهُ
وتعجز عن ذاك الجيوش الخضارمُ
وفي الصدر خضر لا يشكُّ بحدسِهِ
يقولُ إذا قال الزمان بعكسِهِ
على غدِهِ فرضُ استشارةِ أمسِهِ
ويَطْلُبُ عند الناس ما عند نفْسِهِ
وذلك ما لا تدعيه الضراغمُ
وغزلانِ جَوٍّ قد شَغَفْنَ بَراحَهُ
رأى حَرَماً صيادُها فاستباحَهُ
هو الدهر من قومي يروّي رماحَهُ
يفدِّي أتمُّ الطيرِ عمراً سلاحَهُ
نسور الملا أحداثها والقشاعمُ
أقول لها للموت بالموت غالبي
فبعض المنايا عصمة في النوائب
به اعتصمت عليا لؤي بن غالبِ
وما ضرها خلق بغير مخالبِ
وقد خُلِقَت أسيافُه والقوائمُ
به عَصَمت نفسُ الحسين حسينَها
قليلة عون أصبح الموت عونَها
سلوا قلعة حاولت بالموت صونها
هل الحدث الحمراء تعرف لونَها
وتعلم أي الساقيين الغمائمُ
وقلعتنا أم الزمان بطولِهِ
رعته صغيراً عاثراً بحجولِهِ
نما وأتاها غازياً في خيوله
سقتها الغمام الغر قبل نزولِهِ
فلما دنا منها سقتها الجماجمُ
وقلعتنا في ملتقى اليأس والمنى
وقلعتنا أنتم وقلعتنا أنا
بناها ابن عبد الله حصناً وموطنا
بناها فأعلى والقنا يقرع القنا
وموجُ المنايا حولها متلاطمُ
غدت مهرة تصحو البلاد إذا صَحَتْ
إذا كتبت فهو الكتاب وإن مَحَتْ
وإن خاطبت هذا الزمانَ تَوَقَّحَتْ
وكان بها مثلُ الجنونِ فأصبَحَتْ
ومن جثث القتلى عليها تمائمُ
فأين رسولَ الله ما قد وعدتها
وعوداً كرايات الفتوح مددتها
وكنت إذا ما الناس ضاعوا عددتها
طريدة دهر ساقها فرددتها
على الدِّينِ بالخَطِّيِّ والدهرُ راغمُ
وكم أملٍ مثلَ السيوف شحذتَهُ
وكم أملٍ مثلَ الزؤان نبذتَهُ
وكم أملٍ حصنته وأعذتَهُ
تُفِيتُ الليالي كلَّ شيء أخذتَهُ
وهنَّ لما يأخذْنَ مِنْكَ غوارمُ
فيا مربك الأيام كهلاً ويافعا
ويا غازلاً ضحكَ الوليد شرائعا
محمدُ أدركنا إذا كنت سامعا
إذا كان ما تنويه فعلاً مضارعا
مضى قبل أن تُلْقَى عليه الجوازمُ
أتذكر داراً أنت أعطيتها اسمَها
وشَيَّدتها في مَنْبِتِ النخلِ والمها
أباها رسولَ الله كنت وأُمَّها
فكيف ترجي الرومُ والروسُ هدمَها
وذا الطعنُ أساسٌ لها ودعائمُ
لياليك أيدٍ والليالي جرائمُ
وأُمَّتُكَ الطفلُ الذي أنت رائمُ
وكم صنتها والعادياتُ عوارمُ
وقد حاكموها والمنايا حواكمُ
فما مات مظلوم ولا عاش ظالمُ
محمد قد عاد العدى فاسمعنَّهم
أَجَنُّوا ظلاماً والظلامُ أَجَنَّهم
غُزاةً بُغاةً أخلف اللهُ ظنَّهم
أتوك يجرون الحديد كأنَّهم
سروا بجياد ما لهن قوائمُ
ترى الشمس خوف الهتك منهم تَلَثَّمُ
وفي جبهة الصحراء للذل مَيْسَمُ
حديد فلا عين هناك ولا فَمُ
إذا برقوا لم تعرف البيض مِنْهُمُ
ثيابهم من مثلها والعمائمُ
يريدون ألا يعشق الإلفَ إلفُهُ
ولو أخذوا نصف الفتى مات نصفُهُ
فأصبح همي يا محمد وصفُهُ
خميسٌ بشرق الأرض والغرب زحفُهُ
وفي أذن الجوزاء منه زمازمُ
وهت صحبة ما بين روح ورِمَّةٍ
تكيد لها في السر كل مُلِمَّةٍ
وفي الصدر سوقٌ من مصائبَ جَمَّةٍ
تجمّع فيه كل لَسْنٍ وأُمَّةٍ
فما يُفْهِمُ الحُدَّاثَ إلا التَّراجِمُ
أَتَوا في زمانٍ ما يَقِرُّ قرارُه
يشي بنبي الله للقوم غارُهُ
وأشجع أفعال الشجاع فرارُهُ
فللهِ وقتٌ ذوَّبَ الغشَّ نارُهُ
فلم يبقَ إلا صارمٌ أو ضبارمُ
تَقَطَّعَ صوت الشيخ إن هو أذَّنا
تَقَطَّعَ سيرُ النهر حتى تأسَّنا
تَقَطَّعَ وصل الإلف للإلف بيننا
تقطع ما لا يقطع البِيضَ والقَنا
وفرَّ من الفرسان من لا يصارمُ
نسيج زمانٍ من سقوط المناصفِ
سوى من شهيدٍ للزمان مخالفِ
كما وقف البيت العتيق لطائفِ
وقفت وما في الموت شك لواقفِ
كأنك في جفن الردى وهو نائمُ
فلله شعب يجعل القتل شيمةً
فإن لم تنله النفس عاشت ذميمةً
أشعبي لقد أعطيت للدهر قيمةً
تمر بك الأبطال كلمى هزيمةً
ووجهك وضاح وثغرك باسمُ
كأنك تحت النخلة الأمُّ وابنُها
لدى رؤية الأحباب يدمعُ جَفْنُها
ومن منظر الأعداء يضحكُ سِنُّها
تجاوزتَ مقدارَ الشجاعةِ والنُّهى
إلى قول قوم أنت بالغيب عالمُ
كأنك طير الله تحمل أمَّةً
لكي يصبحوا بعد الهوان أَئِمَّةً
ويا دهر ما راعيت في الله ذِمَّةً
ضممت جناحيهِم على القلبِ ضَمَّةً
تموت الخوافي تحتها والقوادمُ
كأن الردى لا النصر ما أنت طالبُ
فلا نصر إلا وهو بالموت طائبُ
فإن ضربوك اهزأ بمن هُوَ ضاربُ
بضربٍ أتى الهاماتِ والنصرُ غائبُ
وصار إلى اللِّبَّاتِ والنصرُ قادمُ
فأكرم بنفسٍ يا شهيدُ أرحتها
بك الأرضُ صارت مكةً وفتحتها
فلما دنت منها الأعادي استبحتها
حَقَرْتَ الردينياتِ حتى طرحتها
وحتى كأن السيفَ للرمحِ شاتمُ
فصلى عليك لله ألفاً وسَلَّما
وأنطق دهراً كان من قبلُ أبكما
ملوك يريدون الحفائرَ سُلَّما
ومن طلب الفتحَ الجليلَ فإنما
مفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصوارمُ
ودهرُك عبدٌ
ودهرُك عبدٌ نال فوقك إمرةً
فخلَّف حتى في السماوات حمرةً
ويا عبد إن صادفت حُرّاً وحُرَّةً
نثرتهمُ فوق الأُحَيْدِبِ نثرةً
كما نثرت فوق العروس الدراهم
أميرَ جيوشٍ صرتَ فينا مُؤمَّرا
بك اشتَدَّتِ الأصفاد وانحلَّت العُرى
واطعمتنا للجارحات كما أرى
تدوس بك الخيلُ الوكورَ على الذُّرى
وقد كثرت حول الوكور المطاعمُ
ويا عبد صرنا ساقة إن أمرتها
أطاعت فكانت نعمة ما شكرتها
ضباعَ الفلا فينا أراك استشرتها
تَظُنُّ فِراخُ الفُتْخِ أَنَّك زرتها
بِأُمَّاتِها وَهْيَ العِتاقُ الصلادِمُ
تُحَاطُ بأبكارِ الرزايا وعونِها
جواريك ما تَسْطِيعُ سيراً بدونِها
طوابيرُ وحشٍ واللظى في عيونِها
فإن زَلِقَتْ مَشَّيتَها ببطونِها
كما تتمشَّى في الصَّعِيدِ الأراقمُ
فيا دهر مهما كنت ناراً تضرَّمُ
فنحن كإبراهيم في النار نسلمُ
عَجِبْتُ لعبدِ الدَّهرِ ما يتعلَّمُ
أفي كل يوم ذا الدُّمُستُقُ مُقدِمُ
قفاه على الإقدامِ للوجهِ لائمُ
فأهلي نخلُ اللهِ مدَّ عُروقَه
وأعجز معراج السما أن يفوقه
وليث فأنى للدبى أن تسوقَه
أَيُنْكِرُ ريحَ الليثِ حتى يذوقَه
وقد عرفت ريحَ اللُّيُوثِ البهائمُ
وإن أُمِّر العبدُ استطالَ بفُجْرِهِ
وكان رسول الله يكوى بجمرِهِ
ولكنَّه ما كَلَّ عن حرب دهرِهِ
وإن فجعته بابنه وابنِ صهرِهِ
وبالصهرِ حملاتُ الأميرِ الغواشمُ
تذكرت خير الناس ديناً ومذهبا
علياً وعماراً وزيداً ومصعبا
ولي حاكم بين الأسود تأرنبا
مضى يشكُرُ الأصحابَ في فوتِهِ الظُّبا
لِمَا شغلتها هامهم والمعاصمُ
أولئك محرابُ الورى أنتحيهِمُ
مَضَوا بِخِطامِ الدهرِ فَهْوَ يِلِيهِمُ
ويعلَمُ قلبي أنه لا يَقِيهِمُ
ويَفْهَمُ صوتَ المشرفيَّةِ فيهِمُ
على أن أصوات السيوف أعاجمُ
ويا دهرُ تبدي حالة بعد حالةٍ
ليشعرَ قلبي أنه دون آلةٍ
ويُصبحَ بدراً مُفرداً دونَ هالةٍ
يُسَرُّ بما أعطاكَ لا عن جَهَالةٍ
ولكن مغنوماً نجا منك غانمُ
وقلبي لنور الصبح نافخُ كيرِهِ
غياثٌ على صخرٍ كلامُ مشيرِهِ
أقلب استرد الملك من مستعيرِهِ
فلست مليكاً هازماً لنظيرِهِ
ولكنك التوحيد للشرك هازمُ
أَقَلبِ تَسَلَّحْ فالحياةُ وقيعَة
ونفس الفتى مرهونة أو مَبِيعةٌ
وإن ابن حمدان شعوب جميعة
تَشَرَّفُ عدنانٌ بِهِ لا ربيعةٌ
وتفتخر الدنيا به لا العواصمُ
أقلبِ اتَّبِع شعبي فحظُّك حظُّهُ
وللريح إنذارُ الزمانِ ووعظُهُ
وشعبيَ شعر غاية القلب حِفْظُهُ
لك الحمدُ في الدرِّ الذي ليَ لفظُهُ
فإنك معطيه وإني ناظمُ
رسولُك فانصرني إلى أن أُبَلِّغَا
وآخُذَ ثأري من زماني بما طَغَى
فؤادي لم يطلب سواك ولا ابتغَى
وإني لتعدو بي عطاياك في الوَغَى
فلا أنا مذمومٌ ولا أنت نادمُ
سلام على من كان بَراً بأهلِهِ
وجازَى على عُدوانِ عادٍ بمثلِهِ
وبارك ماء الغيم من مستهِلِّهِ
على كل طيَّارٍ إليها بِرِجْلِهِ
إذا وقعت في مسْمَعَيْهِ الغَمَاغِمُ
سَلامٌ على من كان يَتَّبِعُ الهُدَى
وسَمَّى إذا ما مات أحمدُ أحمدا
سلام لسيف يشبه الصبح والندى
ألا أيُّها السَّيفُ الذي لستَ مُغْمَدا
ولا فيكَ مرتابٌ ولا منكَ عاصمُ
عليك نقشنا ما سيأتي وما خلا
ولم ينمحِ المكتوب فيك ولا انجلى
فيا شيخ يا من لقَّنَ الدهرَ ما تَلا
هنيئاً لضربِ الهامِ والمجدِ والعُلا
وراجيكَ والإسلامِ أَنَّكَ سالمُ
سِجِلُّكَ هذا كم أضاء وأحرقا
وفيه الهوى والهجرُ والجنُّ والرقى
ودام صداعاً للطغاة مؤرقا
فلم لا يقي الرحمن حَدَّيْك ما وَقَى
وتفليقُهُ هامَ العِدَا بِكَ دائمُ
وموتٍ بأسواق النفوس يساومُ
وأوجه قتلى زينتها المباسمُ
على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
أتتنا ليالٍ ليس يُحْفَظُ جارُها
ونارُ أسىً نارُ الجحيمِ شَرَارُها
يُفَرِّقُ ما بينَ الرجالِ اختبارُها
فَتَعْظُمُ في عين الصغير صغارُها
وتصغر في عين العظيم العظائمُ
وطاف أبونا الخضرُ ينذر قومَهُ
فما كان أقسى قلبَهم وأصمَّهُ
وقالوا له هُزءاً يريدون ذمَّهُ
يُكَلِّفُ سيفُ الدولة الجيشَ همَّهُ
وتعجز عن ذاك الجيوش الخضارمُ
وفي الصدر خضر لا يشكُّ بحدسِهِ
يقولُ إذا قال الزمان بعكسِهِ
على غدِهِ فرضُ استشارةِ أمسِهِ
ويَطْلُبُ عند الناس ما عند نفْسِهِ
وذلك ما لا تدعيه الضراغمُ
وغزلانِ جَوٍّ قد شَغَفْنَ بَراحَهُ
رأى حَرَماً صيادُها فاستباحَهُ
هو الدهر من قومي يروّي رماحَهُ
يفدِّي أتمُّ الطيرِ عمراً سلاحَهُ
نسور الملا أحداثها والقشاعمُ
أقول لها للموت بالموت غالبي
فبعض المنايا عصمة في النوائب
به اعتصمت عليا لؤي بن غالبِ
وما ضرها خلق بغير مخالبِ
وقد خُلِقَت أسيافُه والقوائمُ
به عَصَمت نفسُ الحسين حسينَها
قليلة عون أصبح الموت عونَها
سلوا قلعة حاولت بالموت صونها
هل الحدث الحمراء تعرف لونَها
وتعلم أي الساقيين الغمائمُ
وقلعتنا أم الزمان بطولِهِ
رعته صغيراً عاثراً بحجولِهِ
نما وأتاها غازياً في خيوله
سقتها الغمام الغر قبل نزولِهِ
فلما دنا منها سقتها الجماجمُ
وقلعتنا في ملتقى اليأس والمنى
وقلعتنا أنتم وقلعتنا أنا
بناها ابن عبد الله حصناً وموطنا
بناها فأعلى والقنا يقرع القنا
وموجُ المنايا حولها متلاطمُ
غدت مهرة تصحو البلاد إذا صَحَتْ
إذا كتبت فهو الكتاب وإن مَحَتْ
وإن خاطبت هذا الزمانَ تَوَقَّحَتْ
وكان بها مثلُ الجنونِ فأصبَحَتْ
ومن جثث القتلى عليها تمائمُ
فأين رسولَ الله ما قد وعدتها
وعوداً كرايات الفتوح مددتها
وكنت إذا ما الناس ضاعوا عددتها
طريدة دهر ساقها فرددتها
على الدِّينِ بالخَطِّيِّ والدهرُ راغمُ
وكم أملٍ مثلَ السيوف شحذتَهُ
وكم أملٍ مثلَ الزؤان نبذتَهُ
وكم أملٍ حصنته وأعذتَهُ
تُفِيتُ الليالي كلَّ شيء أخذتَهُ
وهنَّ لما يأخذْنَ مِنْكَ غوارمُ
فيا مربك الأيام كهلاً ويافعا
ويا غازلاً ضحكَ الوليد شرائعا
محمدُ أدركنا إذا كنت سامعا
إذا كان ما تنويه فعلاً مضارعا
مضى قبل أن تُلْقَى عليه الجوازمُ
أتذكر داراً أنت أعطيتها اسمَها
وشَيَّدتها في مَنْبِتِ النخلِ والمها
أباها رسولَ الله كنت وأُمَّها
فكيف ترجي الرومُ والروسُ هدمَها
وذا الطعنُ أساسٌ لها ودعائمُ
لياليك أيدٍ والليالي جرائمُ
وأُمَّتُكَ الطفلُ الذي أنت رائمُ
وكم صنتها والعادياتُ عوارمُ
وقد حاكموها والمنايا حواكمُ
فما مات مظلوم ولا عاش ظالمُ
محمد قد عاد العدى فاسمعنَّهم
أَجَنُّوا ظلاماً والظلامُ أَجَنَّهم
غُزاةً بُغاةً أخلف اللهُ ظنَّهم
أتوك يجرون الحديد كأنَّهم
سروا بجياد ما لهن قوائمُ
ترى الشمس خوف الهتك منهم تَلَثَّمُ
وفي جبهة الصحراء للذل مَيْسَمُ
حديد فلا عين هناك ولا فَمُ
إذا برقوا لم تعرف البيض مِنْهُمُ
ثيابهم من مثلها والعمائمُ
يريدون ألا يعشق الإلفَ إلفُهُ
ولو أخذوا نصف الفتى مات نصفُهُ
فأصبح همي يا محمد وصفُهُ
خميسٌ بشرق الأرض والغرب زحفُهُ
وفي أذن الجوزاء منه زمازمُ
وهت صحبة ما بين روح ورِمَّةٍ
تكيد لها في السر كل مُلِمَّةٍ
وفي الصدر سوقٌ من مصائبَ جَمَّةٍ
تجمّع فيه كل لَسْنٍ وأُمَّةٍ
فما يُفْهِمُ الحُدَّاثَ إلا التَّراجِمُ
أَتَوا في زمانٍ ما يَقِرُّ قرارُه
يشي بنبي الله للقوم غارُهُ
وأشجع أفعال الشجاع فرارُهُ
فللهِ وقتٌ ذوَّبَ الغشَّ نارُهُ
فلم يبقَ إلا صارمٌ أو ضبارمُ
تَقَطَّعَ صوت الشيخ إن هو أذَّنا
تَقَطَّعَ سيرُ النهر حتى تأسَّنا
تَقَطَّعَ وصل الإلف للإلف بيننا
تقطع ما لا يقطع البِيضَ والقَنا
وفرَّ من الفرسان من لا يصارمُ
نسيج زمانٍ من سقوط المناصفِ
سوى من شهيدٍ للزمان مخالفِ
كما وقف البيت العتيق لطائفِ
وقفت وما في الموت شك لواقفِ
كأنك في جفن الردى وهو نائمُ
فلله شعب يجعل القتل شيمةً
فإن لم تنله النفس عاشت ذميمةً
أشعبي لقد أعطيت للدهر قيمةً
تمر بك الأبطال كلمى هزيمةً
ووجهك وضاح وثغرك باسمُ
كأنك تحت النخلة الأمُّ وابنُها
لدى رؤية الأحباب يدمعُ جَفْنُها
ومن منظر الأعداء يضحكُ سِنُّها
تجاوزتَ مقدارَ الشجاعةِ والنُّهى
إلى قول قوم أنت بالغيب عالمُ
كأنك طير الله تحمل أمَّةً
لكي يصبحوا بعد الهوان أَئِمَّةً
ويا دهر ما راعيت في الله ذِمَّةً
ضممت جناحيهِم على القلبِ ضَمَّةً
تموت الخوافي تحتها والقوادمُ
كأن الردى لا النصر ما أنت طالبُ
فلا نصر إلا وهو بالموت طائبُ
فإن ضربوك اهزأ بمن هُوَ ضاربُ
بضربٍ أتى الهاماتِ والنصرُ غائبُ
وصار إلى اللِّبَّاتِ والنصرُ قادمُ
فأكرم بنفسٍ يا شهيدُ أرحتها
بك الأرضُ صارت مكةً وفتحتها
فلما دنت منها الأعادي استبحتها
حَقَرْتَ الردينياتِ حتى طرحتها
وحتى كأن السيفَ للرمحِ شاتمُ
فصلى عليك لله ألفاً وسَلَّما
وأنطق دهراً كان من قبلُ أبكما
ملوك يريدون الحفائرَ سُلَّما
ومن طلب الفتحَ الجليلَ فإنما
مفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصوارمُ
ودهرُك عبدٌ
ودهرُك عبدٌ نال فوقك إمرةً
فخلَّف حتى في السماوات حمرةً
ويا عبد إن صادفت حُرّاً وحُرَّةً
نثرتهمُ فوق الأُحَيْدِبِ نثرةً
كما نثرت فوق العروس الدراهم
أميرَ جيوشٍ صرتَ فينا مُؤمَّرا
بك اشتَدَّتِ الأصفاد وانحلَّت العُرى
واطعمتنا للجارحات كما أرى
تدوس بك الخيلُ الوكورَ على الذُّرى
وقد كثرت حول الوكور المطاعمُ
ويا عبد صرنا ساقة إن أمرتها
أطاعت فكانت نعمة ما شكرتها
ضباعَ الفلا فينا أراك استشرتها
تَظُنُّ فِراخُ الفُتْخِ أَنَّك زرتها
بِأُمَّاتِها وَهْيَ العِتاقُ الصلادِمُ
تُحَاطُ بأبكارِ الرزايا وعونِها
جواريك ما تَسْطِيعُ سيراً بدونِها
طوابيرُ وحشٍ واللظى في عيونِها
فإن زَلِقَتْ مَشَّيتَها ببطونِها
كما تتمشَّى في الصَّعِيدِ الأراقمُ
فيا دهر مهما كنت ناراً تضرَّمُ
فنحن كإبراهيم في النار نسلمُ
عَجِبْتُ لعبدِ الدَّهرِ ما يتعلَّمُ
أفي كل يوم ذا الدُّمُستُقُ مُقدِمُ
قفاه على الإقدامِ للوجهِ لائمُ
فأهلي نخلُ اللهِ مدَّ عُروقَه
وأعجز معراج السما أن يفوقه
وليث فأنى للدبى أن تسوقَه
أَيُنْكِرُ ريحَ الليثِ حتى يذوقَه
وقد عرفت ريحَ اللُّيُوثِ البهائمُ
وإن أُمِّر العبدُ استطالَ بفُجْرِهِ
وكان رسول الله يكوى بجمرِهِ
ولكنَّه ما كَلَّ عن حرب دهرِهِ
وإن فجعته بابنه وابنِ صهرِهِ
وبالصهرِ حملاتُ الأميرِ الغواشمُ
تذكرت خير الناس ديناً ومذهبا
علياً وعماراً وزيداً ومصعبا
ولي حاكم بين الأسود تأرنبا
مضى يشكُرُ الأصحابَ في فوتِهِ الظُّبا
لِمَا شغلتها هامهم والمعاصمُ
أولئك محرابُ الورى أنتحيهِمُ
مَضَوا بِخِطامِ الدهرِ فَهْوَ يِلِيهِمُ
ويعلَمُ قلبي أنه لا يَقِيهِمُ
ويَفْهَمُ صوتَ المشرفيَّةِ فيهِمُ
على أن أصوات السيوف أعاجمُ
ويا دهرُ تبدي حالة بعد حالةٍ
ليشعرَ قلبي أنه دون آلةٍ
ويُصبحَ بدراً مُفرداً دونَ هالةٍ
يُسَرُّ بما أعطاكَ لا عن جَهَالةٍ
ولكن مغنوماً نجا منك غانمُ
وقلبي لنور الصبح نافخُ كيرِهِ
غياثٌ على صخرٍ كلامُ مشيرِهِ
أقلب استرد الملك من مستعيرِهِ
فلست مليكاً هازماً لنظيرِهِ
ولكنك التوحيد للشرك هازمُ
أَقَلبِ تَسَلَّحْ فالحياةُ وقيعَة
ونفس الفتى مرهونة أو مَبِيعةٌ
وإن ابن حمدان شعوب جميعة
تَشَرَّفُ عدنانٌ بِهِ لا ربيعةٌ
وتفتخر الدنيا به لا العواصمُ
أقلبِ اتَّبِع شعبي فحظُّك حظُّهُ
وللريح إنذارُ الزمانِ ووعظُهُ
وشعبيَ شعر غاية القلب حِفْظُهُ
لك الحمدُ في الدرِّ الذي ليَ لفظُهُ
فإنك معطيه وإني ناظمُ
رسولُك فانصرني إلى أن أُبَلِّغَا
وآخُذَ ثأري من زماني بما طَغَى
فؤادي لم يطلب سواك ولا ابتغَى
وإني لتعدو بي عطاياك في الوَغَى
فلا أنا مذمومٌ ولا أنت نادمُ
سلام على من كان بَراً بأهلِهِ
وجازَى على عُدوانِ عادٍ بمثلِهِ
وبارك ماء الغيم من مستهِلِّهِ
على كل طيَّارٍ إليها بِرِجْلِهِ
إذا وقعت في مسْمَعَيْهِ الغَمَاغِمُ
سَلامٌ على من كان يَتَّبِعُ الهُدَى
وسَمَّى إذا ما مات أحمدُ أحمدا
سلام لسيف يشبه الصبح والندى
ألا أيُّها السَّيفُ الذي لستَ مُغْمَدا
ولا فيكَ مرتابٌ ولا منكَ عاصمُ
عليك نقشنا ما سيأتي وما خلا
ولم ينمحِ المكتوب فيك ولا انجلى
فيا شيخ يا من لقَّنَ الدهرَ ما تَلا
هنيئاً لضربِ الهامِ والمجدِ والعُلا
وراجيكَ والإسلامِ أَنَّكَ سالمُ
سِجِلُّكَ هذا كم أضاء وأحرقا
وفيه الهوى والهجرُ والجنُّ والرقى
ودام صداعاً للطغاة مؤرقا
فلم لا يقي الرحمن حَدَّيْك ما وَقَى
وتفليقُهُ هامَ العِدَا بِكَ دائمُ